المشربية نموذج الفن العربي ..رمز التمرد التشكيلي على غياب التفاصيل في البيئة"الصحراء" بملء الحيز بالتفاصيل
الزخرفة الاسلامية (ملء الحيز وتفريغ العناصر)
عندما يصبح التفريغ والملء ، الحضور والغياب، هو لغة الفنان يمكن ان يبدع تفاصيل كثيرة تحتفظ بهويتها الاساسية(العربية)
نموذج بصري لتاثير الامتلاء في التلقي بحيث يعبر عن العنصر بالتفريغ او الغياب او الصمت،النموذج لمرآة (تفريغ) تتوسط نقوش(امتلاء)
الفن العربي هو اعادة لصياغة البيئة بتمرد لطيف، تتمثل في النوافير ،والنباتات ،وملء الحيز بالاشكال
.... الامتلاء .....
الزخرفة الاسلامية (ملء الحيز وتفريغ العناصر)
عندما يصبح التفريغ والملء ، الحضور والغياب، هو لغة الفنان يمكن ان يبدع تفاصيل كثيرة تحتفظ بهويتها الاساسية(العربية)
نموذج بصري لتاثير الامتلاء في التلقي بحيث يعبر عن العنصر بالتفريغ او الغياب او الصمت،النموذج لمرآة (تفريغ) تتوسط نقوش(امتلاء)
الفن العربي هو اعادة لصياغة البيئة بتمرد لطيف، تتمثل في النوافير ،والنباتات ،وملء الحيز بالاشكال
.... الامتلاء .....
يحقق نزار إلى جانب الموسيقى ووحدة العمل، الشاعرية عندما يقول:
" صوتك يهوي إليَّ ..
دفيئًا ، مليئًا ، قوي ...
كصوت ارتطام النجوم ..
كصوت سقوط الحلي " ....
موظفا انفعالاته وانفعالات القارئ السابقة تجاه ما أدركه بحواسه مستخدمًا مؤشرات فيزيائية (طبيعية) .الحرارة/دفيئا ، الحجم/ مليئا ، القوة / قوي...
وهو يصف ظاهرة طبيعية أيضا هي الصوت ، ويفتتح بها المقطع مستميلاً ذاكرتنا السمعية بكلمة صوتك ، ويستخدم مؤشرات فيزيائية (طبيعية) أيضًا وهذا قمة التجانس ووحدة العمل... وقد يكون صوت الارتطام مليئًا وقويًّا أما دفيئًا فبالتأكيد يلحقها لتجارب يوحي بها اشتراطًا صوت الحلي.. وهذا التداخل في طبيعة النص أي في معانيه يتناغم مع طبيعة الظاهرة ،فطبيعة الصوت موجات ،تدرك متداخلة أو منفردة وتأخذ بتداخلها دلالات فرعية.. هذه القطعة نموذجا لعالم من الشاعرية اسمه نزار قباني ،يدغدغ القلب ليستقر في الوجدان بثقة برغم مواضيعه الغريبة،لماذا؟ إنها لغته ، وشاعريته بالذات ، والتي أحد محققاتها توظيف الظواهر الطبيعية لتعبر عن ذواتنا ، وهي اتجاه آخر بخلاف وصف الطبيعة وإن لا يتعارض معه، وإن أعتمد نزار ذكر المؤشر الظاهري عينه ، فإن حسن السوسي لا يذكره بل يشير إليه : "كبرت حتى كأن الكون يصغر بي، وطلت حتى كأن النجم داناني..".
ويقول في قصيدة أخرى "ضقنا عن الكون حتى لم يسع أحدا من غيرنا في حسابات حسبناها" وإذ يكتفي قباني بذكر الامتلاء فإن السوسي يكبر إلى أن تحقق ذاته امتلاء للكون...
والإحساس بالامتلاء هو أحد أقدم الأحاسيس ويناظره الإحساس بالضيق وهما مترابطان ذهنيا ويرجعان لدنيا الرحم حيث يشعر الإنسان بالحركة المحيطة به(حركة السوائل) والتي تمثل حركة أمه، والتي تترجم إلى إشارات عصبية، ووقتها تكون الوظيفة الفسيولوجية الوحيدة هي أن يملأ ويفرغ ما عنده من دم
( هواء وغذاء)، وهذا السلوك يستمر مرتبطا بإدراك الإنسان حتى آخر لحظاته . ويرتبط الامتلاء شرطيا بالرضى ويصبح المطلب الأول للرضيع الشبع، ثم يكبر وتكثر طلباته ونلومه قائلين" لا يملا عينه شي ..!"، ونقصد بعينه ذاته ، أو نفسه وكما يوصلنا الامتلاء للرضا فالعكس صحيح وهذا يفسر انفتاح شهية السعداء، وقد نفرح و لا يسعفنا ملء البطون فنملأ رئتينا لحظيا بالهواء ونتنفس الصعداء .
ماذا افعل أأشوِّه الشاعرية بتحليلها إلى قواعد ، أأقيد الأحلام؟
لا فهذه ليست قواعد هذه محاولة لوصف الملامح، والإبداع ليس أوهامًا ، الإبداع هو الحقيقة عينها "الحب والخير والجمال ،حقيقة واحدة" ومقاربتنا لتحليله ليست منهجةً له لأن حتى نحن لا نحدد ما سيصدر عنا تمامًا ، ولن أعبث بجدليات الثابت والمتغيِّر فسبحان الذي يغيِّر ولا يتغيِّر، والبعض يرى لفظة شاعرية لفظة فضفاضة غير واضحة وأراها "قدرة العمل على التأثير في شعورك، والذي يرتبط بدوره بحواسك (السمع ،البصر،الشم، التذوق،التوازن )، وخبراتك الحسية الفسيولوجية المتأثرة بالظواهر الطبيعية حقيقة ومتغيرات"...
وأقصد بالحقيقة الظاهرة عينها (حرارة، حجم ، حركة ، مغناطيسية)..
وأما المتغيِّرات فسأعطي أمثلة لبعض متغيِّرات كل ظاهرة :
حرارة( برد ، دفء ،احتراق) ،
حجم (ضغط ، ضيق ، حصار ، اختناق ، ضياع ، امتلاء ، فراغ) ؛
حركة ( التفاف ، دوران ، تردُّد ،اقترابٍ ، سكون ، بعد ،اهتزاز) ؛
مغناطيسية ( تجاذب ، سقوط ، تأثير)
وهكذا فجلُّ مشاعرنا توصف من خلال الظواهر ، وصدق المبدع هو الذي يفتح الطريق بين قلبه وإدراكه ومن ثم تعبيره فيبوح قلب ليعي قلبا أخر.بانسيابية وبساطة تصعب على الكثير.
والتعبير عن الظاهرة ليس لفظيًّا فقط ، بل يتشكل بحسب نوع الفن المشتغل به.
ففي العمارة تأخذ النسبة بين الفارغ والممتلئ لغة خاصة بكل مبدع وبكل ثقافة ، فالمشربية في الثقافة العربية (سمة ) ومادتها التجاور بين الفارغ والممتلئ، وتساوي النسب ، في حين تحدد نسب التفريغ من خلال الفتحات للواجهة طابع الواجهة ودلالتها ، ويتجاوز علم (الجستالت) النسبة للإشارة لشكل الفتحة متحسِّسًا رد الفعل تجاه غياب الامتلاء (التفريغ)...وتتميز الزخرفة الإسلامية بامتلاء الحيز وتفريغ العناصر، والامتلاء يكون الأصل والتفريغ هو خلافه، وقبل أن أملأ حيزًا ما بالتفاصيل سواء كان حيِّزًا في فستان أو لوحة أو واجهة مبنى أو ركن في غرفة أو مشهد سينمائي ، أو مسرحي ، علي أن أسأل نفسي ما الذي سيقوله الامتلاء.. ؟
هذا النوع من الأسئلة عندما أتعوَّده ، أي أن أسأل عن كل ظاهرة ماذا تعني لي ولغيري وكيف سأوظفها وأتحسَّس أثرها مع ذاتي فأني سأكون مستعدًّا لإخراجها تلقائيًا أثناء عملي.
يوضح الدكتور مهدي امبيرش مفهوم الامتلاء في الألفاظ ( الأسماء) في كتابه رؤى في الأدب والثقافة فيقول تحت عنوان الألفاظ الممتلئة "إذا ما نقول حاتم الطائي مثلاً حتى يبرز الكرم متجلِّيًا فيه ، بالطبع فإن التجلي هو ليس مطلق الكرم إذ لا يتجلَّى المطلق في الجزئي ولكن جزء حاتم الطائي كان ممتلئًا "...
وأنوِّهُ هنا أن امتلاء اللفظ أو اللوحة أو المشهد ليس أحاديًّا إلا في الرموز المجردة ، إلا أن غنى تجربة الحضور والتلقي يحتم تعدد جوانب الواحد وثراءه، وذاته -تعالى عن التمثيل والوصف- أجل برهان، فبالرغم أنه الواحد إلا أنه الرحمن والعظيم و، و، و، إلى بقية أسمائه ، فتعدُّد الامتلاءات في إطار الواحد يغنيه.
وجمال الروح الذي هو مادة الإبداع والتلقي يتجلى بكثافة في الإنسان وبتماهي في الطبيعة ، وتتكثف الدلالات في تناول الموضوع الإنساني المباشر عن الموجودات الطبيعية الأخرى لأن أشبه شيء بالإنسان هو إنسان آخر، وهذه ليست شهادة قيمة، وإنما إشارة لوضوحه كمؤشر،لذا فتذوق البشر هو خطوة أولى لتذوق الوجود"وفي أنفسهم أفلا ينظرون" .
وفي وصف الإنسان وتذوقه يقدم التراث العربي وصف لبدوية ذواقة هي أم معبد الخزاعية ،حيث تصف الرسول الكريم حين مر بخيمتها مهاجرا مع صاحبيه "رجل ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه، حسن الخلق لم تعبه تجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشعاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطح، أحور، أكحل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن ، ربعة، لا تقحمه عين من قصر ولا تشنؤه من طول، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود، محشود، لا عابس ولا مفند."...
ومحشود يعني كأنه في حشد ، أو كما وصفه أصحابه عليه الصلاة والسلام "كان فردًا في جماعة وجماعة في فرد".
ولعل الامتلاء برغم وضوح معناه كمؤشر إلا إن تحقيقه كمتطلب إبداعي صعب،لأنه يشترط امتلأ حقيقيا للمبدع ينسكب في عمله ،فكل إناء بما فيه ينضح وفاقد الشيء لا يعطيه.
" صوتك يهوي إليَّ ..
دفيئًا ، مليئًا ، قوي ...
كصوت ارتطام النجوم ..
كصوت سقوط الحلي " ....
موظفا انفعالاته وانفعالات القارئ السابقة تجاه ما أدركه بحواسه مستخدمًا مؤشرات فيزيائية (طبيعية) .الحرارة/دفيئا ، الحجم/ مليئا ، القوة / قوي...
وهو يصف ظاهرة طبيعية أيضا هي الصوت ، ويفتتح بها المقطع مستميلاً ذاكرتنا السمعية بكلمة صوتك ، ويستخدم مؤشرات فيزيائية (طبيعية) أيضًا وهذا قمة التجانس ووحدة العمل... وقد يكون صوت الارتطام مليئًا وقويًّا أما دفيئًا فبالتأكيد يلحقها لتجارب يوحي بها اشتراطًا صوت الحلي.. وهذا التداخل في طبيعة النص أي في معانيه يتناغم مع طبيعة الظاهرة ،فطبيعة الصوت موجات ،تدرك متداخلة أو منفردة وتأخذ بتداخلها دلالات فرعية.. هذه القطعة نموذجا لعالم من الشاعرية اسمه نزار قباني ،يدغدغ القلب ليستقر في الوجدان بثقة برغم مواضيعه الغريبة،لماذا؟ إنها لغته ، وشاعريته بالذات ، والتي أحد محققاتها توظيف الظواهر الطبيعية لتعبر عن ذواتنا ، وهي اتجاه آخر بخلاف وصف الطبيعة وإن لا يتعارض معه، وإن أعتمد نزار ذكر المؤشر الظاهري عينه ، فإن حسن السوسي لا يذكره بل يشير إليه : "كبرت حتى كأن الكون يصغر بي، وطلت حتى كأن النجم داناني..".
ويقول في قصيدة أخرى "ضقنا عن الكون حتى لم يسع أحدا من غيرنا في حسابات حسبناها" وإذ يكتفي قباني بذكر الامتلاء فإن السوسي يكبر إلى أن تحقق ذاته امتلاء للكون...
والإحساس بالامتلاء هو أحد أقدم الأحاسيس ويناظره الإحساس بالضيق وهما مترابطان ذهنيا ويرجعان لدنيا الرحم حيث يشعر الإنسان بالحركة المحيطة به(حركة السوائل) والتي تمثل حركة أمه، والتي تترجم إلى إشارات عصبية، ووقتها تكون الوظيفة الفسيولوجية الوحيدة هي أن يملأ ويفرغ ما عنده من دم
( هواء وغذاء)، وهذا السلوك يستمر مرتبطا بإدراك الإنسان حتى آخر لحظاته . ويرتبط الامتلاء شرطيا بالرضى ويصبح المطلب الأول للرضيع الشبع، ثم يكبر وتكثر طلباته ونلومه قائلين" لا يملا عينه شي ..!"، ونقصد بعينه ذاته ، أو نفسه وكما يوصلنا الامتلاء للرضا فالعكس صحيح وهذا يفسر انفتاح شهية السعداء، وقد نفرح و لا يسعفنا ملء البطون فنملأ رئتينا لحظيا بالهواء ونتنفس الصعداء .
ماذا افعل أأشوِّه الشاعرية بتحليلها إلى قواعد ، أأقيد الأحلام؟
لا فهذه ليست قواعد هذه محاولة لوصف الملامح، والإبداع ليس أوهامًا ، الإبداع هو الحقيقة عينها "الحب والخير والجمال ،حقيقة واحدة" ومقاربتنا لتحليله ليست منهجةً له لأن حتى نحن لا نحدد ما سيصدر عنا تمامًا ، ولن أعبث بجدليات الثابت والمتغيِّر فسبحان الذي يغيِّر ولا يتغيِّر، والبعض يرى لفظة شاعرية لفظة فضفاضة غير واضحة وأراها "قدرة العمل على التأثير في شعورك، والذي يرتبط بدوره بحواسك (السمع ،البصر،الشم، التذوق،التوازن )، وخبراتك الحسية الفسيولوجية المتأثرة بالظواهر الطبيعية حقيقة ومتغيرات"...
وأقصد بالحقيقة الظاهرة عينها (حرارة، حجم ، حركة ، مغناطيسية)..
وأما المتغيِّرات فسأعطي أمثلة لبعض متغيِّرات كل ظاهرة :
حرارة( برد ، دفء ،احتراق) ،
حجم (ضغط ، ضيق ، حصار ، اختناق ، ضياع ، امتلاء ، فراغ) ؛
حركة ( التفاف ، دوران ، تردُّد ،اقترابٍ ، سكون ، بعد ،اهتزاز) ؛
مغناطيسية ( تجاذب ، سقوط ، تأثير)
وهكذا فجلُّ مشاعرنا توصف من خلال الظواهر ، وصدق المبدع هو الذي يفتح الطريق بين قلبه وإدراكه ومن ثم تعبيره فيبوح قلب ليعي قلبا أخر.بانسيابية وبساطة تصعب على الكثير.
والتعبير عن الظاهرة ليس لفظيًّا فقط ، بل يتشكل بحسب نوع الفن المشتغل به.
ففي العمارة تأخذ النسبة بين الفارغ والممتلئ لغة خاصة بكل مبدع وبكل ثقافة ، فالمشربية في الثقافة العربية (سمة ) ومادتها التجاور بين الفارغ والممتلئ، وتساوي النسب ، في حين تحدد نسب التفريغ من خلال الفتحات للواجهة طابع الواجهة ودلالتها ، ويتجاوز علم (الجستالت) النسبة للإشارة لشكل الفتحة متحسِّسًا رد الفعل تجاه غياب الامتلاء (التفريغ)...وتتميز الزخرفة الإسلامية بامتلاء الحيز وتفريغ العناصر، والامتلاء يكون الأصل والتفريغ هو خلافه، وقبل أن أملأ حيزًا ما بالتفاصيل سواء كان حيِّزًا في فستان أو لوحة أو واجهة مبنى أو ركن في غرفة أو مشهد سينمائي ، أو مسرحي ، علي أن أسأل نفسي ما الذي سيقوله الامتلاء.. ؟
هذا النوع من الأسئلة عندما أتعوَّده ، أي أن أسأل عن كل ظاهرة ماذا تعني لي ولغيري وكيف سأوظفها وأتحسَّس أثرها مع ذاتي فأني سأكون مستعدًّا لإخراجها تلقائيًا أثناء عملي.
يوضح الدكتور مهدي امبيرش مفهوم الامتلاء في الألفاظ ( الأسماء) في كتابه رؤى في الأدب والثقافة فيقول تحت عنوان الألفاظ الممتلئة "إذا ما نقول حاتم الطائي مثلاً حتى يبرز الكرم متجلِّيًا فيه ، بالطبع فإن التجلي هو ليس مطلق الكرم إذ لا يتجلَّى المطلق في الجزئي ولكن جزء حاتم الطائي كان ممتلئًا "...
وأنوِّهُ هنا أن امتلاء اللفظ أو اللوحة أو المشهد ليس أحاديًّا إلا في الرموز المجردة ، إلا أن غنى تجربة الحضور والتلقي يحتم تعدد جوانب الواحد وثراءه، وذاته -تعالى عن التمثيل والوصف- أجل برهان، فبالرغم أنه الواحد إلا أنه الرحمن والعظيم و، و، و، إلى بقية أسمائه ، فتعدُّد الامتلاءات في إطار الواحد يغنيه.
وجمال الروح الذي هو مادة الإبداع والتلقي يتجلى بكثافة في الإنسان وبتماهي في الطبيعة ، وتتكثف الدلالات في تناول الموضوع الإنساني المباشر عن الموجودات الطبيعية الأخرى لأن أشبه شيء بالإنسان هو إنسان آخر، وهذه ليست شهادة قيمة، وإنما إشارة لوضوحه كمؤشر،لذا فتذوق البشر هو خطوة أولى لتذوق الوجود"وفي أنفسهم أفلا ينظرون" .
وفي وصف الإنسان وتذوقه يقدم التراث العربي وصف لبدوية ذواقة هي أم معبد الخزاعية ،حيث تصف الرسول الكريم حين مر بخيمتها مهاجرا مع صاحبيه "رجل ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه، حسن الخلق لم تعبه تجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشعاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطح، أحور، أكحل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن ، ربعة، لا تقحمه عين من قصر ولا تشنؤه من طول، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود، محشود، لا عابس ولا مفند."...
ومحشود يعني كأنه في حشد ، أو كما وصفه أصحابه عليه الصلاة والسلام "كان فردًا في جماعة وجماعة في فرد".
ولعل الامتلاء برغم وضوح معناه كمؤشر إلا إن تحقيقه كمتطلب إبداعي صعب،لأنه يشترط امتلأ حقيقيا للمبدع ينسكب في عمله ،فكل إناء بما فيه ينضح وفاقد الشيء لا يعطيه.
mal
ردحذفvaste