مرحبا بك..... هنا ...


يمكن ان نخبئ كل الفنون /



( قصيدة ، لوحة ، زيي ، قصة ، لحن ، مبنى، منحوتة ، مخطط مدينة ، رقصة ) في خابية واحدة مادتها الجمال ..

وفاء الحسين

السبت، 7 أغسطس 2010

بيوت تزينها الالفة ...

الحميمية هي الوصفة السحرية لتألق البيوت...
ليس هذا الكلام اجتماعيا وإنما جماليا (بصريا) أيضا، فبرأيي إظهار سماتنا الوجدانية من خلال البصريات، أصبح ضرورة يتطلبها التحول القوي نحو المنظور وزيادة التأثر بما هو بصري مقارنة بالمسموع الذي شكل سمة ثقافة العرب لقرون مضت..
وهذا لا يتطلب اختراعا جديدا بقدر ما يستدعي تفعيل القديم المعروف"التراث" وإعادة استقراءه بروح تستحضر متطلبات العصر وتحولاته..
وحتى أوضح فكرتي فأنني سأبوح لكم بسر حرفي يخصني كمصممة ، وهو طريقتي في استقراء النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وخاصة التي تتحدث عن الجنة وتصفها، وإسقاطها فيما بعد في التصميمات وسأقدم احد قراءاتي كنموذج لتحقيق الحميمية كمتطلب وجداني مهم من خلال محتويات البيوت.
يقول الحق سبحانه وتعالى" ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين" الحجر47 ، ويصف لنا خطة زوجة العزيز في استدراج النساء بلغة حميمية لينطلقن على سجيتهن ومن ثم تواجههن هي بهذه السجية وكأنها تنتزع براءتها منهن فيقول سبحانه" فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن واعتدت لهن متكئا وأتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن" يوسف31،وينصحنا الرسول الكريم في تخفيف حدة الغضب بان نغير من مستوى استرخائنا لنبدد غضبنا فيقول"إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع"رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.. وقال"وان الغضب جمرة في قلب ابن ادم ما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فمن أحس بشيء من ذلك فليلصق بالأرض" جزء من حديث رواه الترمذي.
وبتحليل هذه النصوص إلى جانب غيرها، يتأكد دور الاتكاء في تبديد التوتر ونزع الغل والاسترخاء والتصرف بتلقائية وعدل،حيث المسافة بيننا وبين الأرض تحدد مستوى (طاقة الوضع) التي تتأثر بالجاذبية ،وتحدد المساحة الملاصقة للأرض من أجسادنا قيمة الإجهاد السطحي مما ينقصها بزيادة المساحة وبالتالي ينقص إحساسنا بالضغط، ولهذا فإنني لا اعتبر تحقيق الاتكاء كوظيفة حيوية في الفراغات المصممة ترفا ،بل ضرورة يتطلبها تحقيق الألفة والحميمية أي السكينة في البيوت التي ما سميت سكنا إلا لهذا.
وقد يكون التحفظ الاجتماعي في ثقافة العرب الحالية سببا في رفض الاتكاء وتقلص ظهوره الوظيفي، إلا أن حيوية الأشخاص تفرض نفسها على فراغات غير معدة جيدا فتعيد تشكيلها قسرا بشيء من الفوضى وهذا ما يتضح في الصالونات الأرضية(المرابيع)التي تتجاهل الاتكاء كمتطلب حيوي ويفرضه الشباب فيثنون الإسفنج ويغيرون من شكله ويفسدونه.
ووفق هذه الثقافة المتحفظة لا وجود للحرية إلا في غرف النوم، إلا إن الصرامة المخبئة في ذواتنا تنعكس في تصميم غرف النوم فلا تحتوي على وحدات تأثيث للاتكاء ونكتفي بالآسرة، في حين تشمل غرف النوم في مجتمعات أخرى و من عهود قديمة متكأ ولازال يشكل احد أهم وحدات غرف النوم وان تطور تصميمه ليتداخل مع جلسة بسيطة في الغرفة.حيث يكون أريكة محورة أو كرسي من وحدتين الأولى تسند الظهر والثانية للساقين ،هذا وتحتفي بعض الحضارات بالكرسي الهزاز كالاسكندنافية مثلا، إلا إن المتكأ يفوقه وظيفيا حيث يناسب الجميع بينما الهزاز قد يناسب كثيرا الشخصيات القلقة ولكنه يضاعف من توتر البعض أو يخزنه لدى آخرين لينعكس جموحا في وقت لاحق..
وفي عصرنا هذا تتوفر المتكآت بأشكال تناسب كل الفراغات حيث توجد في غرف الجلوس والمكتب والحمام أيضا، وتزدهر حول أحواض السباحة، إلا أنها لم تدخل للمطابخ بعد.
والاتكاء كوظيفة حيوية اجتماعية للفراغ هو بنظري سمة للعمارة الإسلامية وبمراجعة تاريخ العمارة نكتشف إن( التكية ) أو الخانقاه هي النزل المؤقت لعابري السبيل ومقر إقامة طلاب العلم(المريدين أو الموليين) وهي احد مستحدثات العمارة العثمانية الإسلامية، ويعكس إطلاق هذه التسمية اختلاف موقفهم من الاتكاء عن الموقف الحالي وإلا ما أطلق على مكان لإقامة طلاب العلم والمتصوفة والذي يحتوي حرما للصلاة والذكر. وهذا لربطهم بين الاتكاء والتأمل والاتكاء والانتماء، ولازلنا نقرا اتكاء الشخص في مكان بإحساسه بالانتماء إليه ونقول انه(يأخذ راحته يضن نفسه في بيته) إذا لماذا نحرم أنفسنا من الاتكاء في بيوتنا على الأقل..!
هذا لا يعني أن ترمي الناس بأجسادها في أي مكان وأي وقت، وإنما بتبني الاتكاء كحق وضرورة وبالتالي طرحه من خلال حلول تأثيث مهذبة وجميلة.. ونكف عن التجاهل لإنسانية مستخدمي الفراغ الذي يحولهم لأعداء للمكان يخربونه باستهتار ردا على هذا التجاهل.
ويستطيع أي مصمم أو ربة بيت تحقيق متكأ بسيط وحميمي بأبسط التكاليف متى امن بأهميته، واذكر من أراد تحقيق هذا بان يحرص على تقابل الأشخاص أثناء الجلسة وان يكون مستوى نظرهم مشترك فلا يضطر احدهم لرفع بصره أو خفضه أثناء الحوار وان يتوفر حيز لإسناد الأيدي في مستوى الخصر وان يكون ركنا هادئا من حيث الصوت والحركة(حركة الناس وحركة الهواء في بعض الأحيان) وان يكون المتكأ احد العناصر المحيطة بمركز جذب حيوي كنافورة أو مدفأة مثلا أو مواجها لإطلالة تسمح بمد البصر ،فعادة ما ترتبط المتكأت بالشرفات والنوافذ واذكر أيضا بان وجود النباتات بالقرب من المتكأ يناسب الفراغات المفتوحة كحديقة او شرفة في حين وجود الحجارة الطبيعية يناسب الفراغات المغلقة، بينما وجود الماء يلاءم الاثنين ولكن بنسبة(حجم) يتلاءم مع الحيز المخصص.وان المتكأ كلما اقترب من الأرض كان أفضل وكلما كانت القاعدة لينة لتبدد الاحتكاكات وثابتة لنستقر عليها أيضا وهذه متطلبات قد يحققها التراب والنجيل، فسجادة بسيطة وبعض الوسائد تخصص لجلسة عائلية قد تحقق تحولا اجتماعيا عميقا للكبار ، وخيالا خصبا لأطفال يتعلمون التأمل كأحد عاداتهم اليومية .
وأخيرا أؤكد أننا ننشد ألفة المكان كما ألفة الأشخاص فيه، فالمتكأ قد يكون لشخص واحد في ركن هادئ يمارس فيه القراءة أو الاستماع أو الحديث بالهاتف، أو أي شيء ممتع يكون سببا لخلق الود بينه وبين أركان البيت.












النار والسنتها ،الماء وخريره ، الهواء ونسائمه ، والتراب اللين... اهم مظاهر الطبيعة ومفردات حضورها وبالتالي اهم متطلبات الاسترخاء والالفة



في هذا المتكا برغم جماله ..يغيب السطح المرن مما يخل بالوظيفة ..وكان من الضروري تغطيته بوسادة او لحاف لتحول بين الشخص وصلابة الخشب









بعض الكراسي تسمح بالاتكاء بسبب ابعادها او طبيعتها المرنة او اضافة قطع مكملة لها


يناسب المتكا ان يتجنب الاضاءة المباشرة على وجه الشخص بينما يتسرب الضوء بجانبه

متكا في غرفة الطفل


ابسط انواع المتكاءات (مجموعة وسائد ، وسجادة ، وركن هادئ)

تنويه/ المقال واحد من مجموعة خصصتها لمجلة البيت...
وفاء الحسين ...