مرحبا بك..... هنا ...


يمكن ان نخبئ كل الفنون /



( قصيدة ، لوحة ، زيي ، قصة ، لحن ، مبنى، منحوتة ، مخطط مدينة ، رقصة ) في خابية واحدة مادتها الجمال ..

وفاء الحسين

الأربعاء، 6 مارس 2013

الى سارة ... بكل إلحاح


اليوم سارة مريضة وتتغيب عن المدرسة .. كنا انا وهي نطالع الفيس بوك عندما شاركت منشور يقول /
  (( لا تتّـصل بشخص أكتر من مـــرتين
ولا تستمر في إرسال "الرسائل"
أين أنت ...
قلقت عليك ..
يكفي أن تبعث مرة واحدة ..))


قالت / (( معروفة .. المفروض الواحد ما يقعدش سكان))
سرحت .. ثم اجبتها .. ((هل كثر الاهتمام دائما ازعاج ؟))
 قالت نعم .. انا مثلا لا اطلب منك الشيء اكثر من مرة .
صدمت ..!!!
 قلت / (( يا حبيبتي انا وانت واحد .. احيانا أنسى .. اطلبي مني عشر وعشرون .. ذكريني )) ..
قالت لا ..(( الإلحاح ثقل دم وتعب زايد )) ...!!!!
بدا واضحا بشكل صاعق الهوة الكبيرة بين اعتقاداتي وثقافة المجتمع .. اذا سارة اكثر وعيا مني بما يليق وما يفهم .. الحمد لله

 امي ايضا علمتني ان (( شكوى الاجواد .. طليبة ))
وان (( القدر ما ينشحتش ))
لكن ... من من ؟

الذي اقلقني ان الثقافة الحالية لا تفرق بين التعامل الاجتماعي مع الغريب والقريب
يمكن انفتاح العلاقات  وكثرة قنوات التواصل سبب في ضياع الخصوصية .
 سارة تعتقد ان طلبها مني اهانة والحاحها  مذلة ..وتساوي بيني وبين الغريب .. كم المني هذا..!!
اسفة يا سارة .. ان غاب عني ان اعلمك ماعلمته لي امي ..
ان عجزت ان اشعرك باننا واحد وانك مهما ألحيتي او فعلتي لن انزعج منك فأنت بعضي..
آسفة ان غفلت على طمئنتك ان حبي غير مشروط ..
لنبدا من الان //
الذل يا حبيبتي ليس مع أهلنا .. والذل مع الأهل رحمة .. وتذلل الغني رحمة و رقة و لين ..
يقول ربي ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) سورة الاسراء
والإلحاح لا يكون الا مع من نثق في إجابته .. نثق في كرمه معنا ومسؤوليته تجاهنا
هنا يكون الإلحاح فضل وليس عيب وإساءة
نحن ندعو الله ثلاثا ونزيد .. لما نلح في الدعاء ؟.. هل سيعتبرنا ربي ( سكانين ) ..؟
لا تحرمي وجدانك من النضج وتكتفي من التجارب بمظاهرها .. عيشيها بعمق .. الدعاء ليس ابلاغ لله اننا في حاجة كذا وكذا ... لانه العليم الكريم .. ببساطة لو فسرنا هكذا لما كان للدعاء ضرورة ..
لكن الدعاء تجربة تسمح لقلوبنا بالانس بذاك الذي ندعوه .. كلما رددنا دعوتنا كلما اكدنا لانفسنا تبعيتنا له وحقنا عليه ..  هذا الأمان والأمل  والثقة التي تنشا وتزيد وتتأكد بالدعاء وتكرار الدعاء هي حقيقة التجربة وليس مجرد الكلمات
 في وجود علاقة  تخولنا للطلب لن يكون الطلب اهانة
وفي وجود علاقة تلزم غيرنا بطلبنا سيكون طلبنا حجة عليهم
فكما يقول نوح عليه السلام/

( قَالَ رَبّ إِنّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيَ إِلاّ فِرَاراً * وَإِنّي كُلّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوَاْ أَصَابِعَهُمْ فِيَ آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرّواْ وَاسْتَكْبَرُواْ اسْتِكْبَاراً * ثُمّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمّ إِنّيَ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً *)

ومثال هذا أستاذ يذكر طلابه بواجبهم او مضيفة الطيران تكرر التذكير بربط الأحزمة او غيرها .. هنا لا يمكن ان نسمي هذا ضعف والإلحاح هنا لا يعيب بل يؤجر
اما الغريب الذي ليس لي حق عليه فسيختلف الموقف وبحسب الموقف سيقيم الإلحاح
 والحر لا يطلب من الغريب لا مرة ولا مرتان .. ألا لضرورة
فالعيب في مبدأ الطلب لا في مرات تكراره
هذا عن الطلب ولكن السؤال عن الناس وذكرهم وتذكرهم ليس طلب
وهنا يعلمنا الله ان جمال الذكر والتذكر في الإفراط والزيادة
 الذاكرين الله كثيرا والذاكرات ))
السؤال على الناس ليس إزعاج .. في ثقافتنا على الأقل وكذلك
حتى اننا نمدح احدهم بانه (نشاد ) وهي صيغة مبالغة بمعنى كثير السؤال عن أحوال أحبابه .
ثم تعالي وانظري الى جدتك وهي تسلم على ضيوفها ... تبقى تكرر ( كيف حالك .. ياك طيبة .. كيف حالك .. ياك طيبة  )
 من خمس الى عشر مرات تقريبا وهناك من يزيد .. لا اطلب منك ان تفعلي مثلها تماما ..لكن ان تعي لما كانت هي واندادها يفعلن هذا بقناعة واعتزاز في مجتمع لم يعتبر هذا ( سكنان ) بل يسميها (( رحابة وشرهابة )).
حبيبتي سارة .. نحن نخسر مع الزمن الكثير من وجداننا .. ونكسب الكثير من المادة ..
وكل ما نخسره على تنوعه يعود لسبب واحد (( الغرور والكبر ))
ابليس حرم من الجنة لأنه تكبر وبنفس المدخل يدخل لنا عبر القرون ليفسد كل عصر وكل لحظة ما طوته الإنسانية من كرامة
 وطريقته أيضا مكررة لكنها للأسف كانت و لا تزال ناجحة مع البشر
وهي /
 تتفيه كل ما عندك من قيم و إظهارها كشيء سيء لا يليق بكبريائك  ومكانتك المفترضة.
 وهو سيصور لنا التودد ذل .. والعشم طمع .. والشوق قصقصة ..  والستر تخلف والتسامح هوان والاعتذار ضعف والصدقة استغلال .. والسبق تهور والتوفير بخل ...وهكذا يلبس علينا الحق بالباطل ليبعدنا عنه
سارة .. يمكن ستعانين الغربة وسط عوالم التلبيس .. لكن .. ستمتلكين نعمة يفتقدها الكثير
ستكونين أنت .. وستملكين الرضا
انا اليوم تعلمت منك .. فتعلمي عني /

.. كل ما سيصدر عنك .. احذفي منه (( برستيجي ، مكانتي ، كبريائي .. ولا تندمي على إكرام البشر فلست بأكرم من الله الذي كرم بني ادم ..نعم ستفقدين بهذا الكثير من ألئام وتكسبين القليل من الكرام ..
وكريم حر واحد سيكفي ليسعد عمرك
ثم لا تتبني أي حكم مطلق .. فلكل موقف خصوصيته .. فكل ما أتاه البشر من ظلم كان تحت عباءة الحق عندما طرحت بثقافة المطلق دون اعتبار للتفاصيل والخصوصيات
مع البشر لكل شخص ما يليق به ومعه .. ولكل علاقة حقوقها وواجباته..
احرصي أنت على التمييز حتى وان استهان به غيرك ..لتحكمي بالعدل وتتجنبي ان تظلمي الناس اما ظلمهم فلا تخشينه وربك الله 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق