مرحبا بك..... هنا ...


يمكن ان نخبئ كل الفنون /



( قصيدة ، لوحة ، زيي ، قصة ، لحن ، مبنى، منحوتة ، مخطط مدينة ، رقصة ) في خابية واحدة مادتها الجمال ..

وفاء الحسين

الأربعاء، 4 أبريل 2012

اثر تنوع الألوان والأشكال في إبداع الطفل

 من زينة الحياة أن نحظى بأطفال أصحاء وأذكياء وموهوبين ومتميزين، ونتتبع السبل التي تحقق هذا الحلم فهلا اعدنا قراءة القرآن لنستشف السبيل القرآني لتعزيز هذه الصفات..

"ألم ترى ان الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا الوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور" فاطر28

"الم ترى ان الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما ان في ذلك لذكرى لاولي الالباب"الزمر 21

ومن أياته خلق السموات والارض واختلاف السنتكم والوانكم ان في ذلك لأيات للعالمين" الروم 22

" وما ذرأ لكم في الارض مختلفا ألوانه ،إن في ذلك لأية لقوم يذكرون" النحل 13

باستعراض هذه الايات نخلص للاتي/

1- يعتمد القرأن استدعاء الذاكرة البصرية ومخزونها لتحقيق تلقي واعي لاياته وهذا بدليل استهلال النصوص بتساؤل  ألم ترى ؟

2- يربط القران بين هذه القراءة البصرية او الثراء التشكيلي والاستيعاب او التذكر.

3- يطلق الخطاب القراني لفظ اللون بمعنى [النوع و التكوين واللون] اي مجمل الادراك البصري او التقييم التشكيلي.

4- يشير الطرح القراني لكون العلماء او اولي الالباب هم وحدهم من سيستفيدون من هذه القراءة البصرية .

5- اعتماد  الخطاب على الذاكرة البصرية عوضا وتفضيلا عن المعالجة اللحظية يؤكد اهمية دور مرحلة القراءة، فما نتلقاه في طفولتنا هو اثبت  مما نتلقاه في كبرنا..

6- وتؤكد النصوص على اهمية التنوع التشكيلي في تنشيط الذاكرة وتقوية الاستيعاب  وتحفيز النشاط الذهني والبدني وتطوير مواهب المتميزين.

 وهذا ما تؤكده سيرة معظم الاسماء المميزة ابداعيا فبقراءة سيرة احدهم لن يغب عنك اعترافه باثر بيئة النشئة - البصرية بالذات- على ذكائه وقرأته وحبه للجمال او الابداع  وسعة خياله وتركيزه وقدرته على التحليل..

 ففي سيرة شارلي شبلن مثلا قرات ان اكثر ما يذكره في طفولته هو باقات الزهور المتراصة التي كان يشاهدها كل يوم بصحبة امه.. وساحتنا الليبية والعربية تعج باسماء كثيرة محط فخر لنا من كتاب ومفكرين وعلماء وفنانين  لازالت بيئة النشئة ومخزونها البصري زادهم في رحلة العطاء، فالبحر والشلال والجبل والغابة وانسجة بيوت البادية(بيت الشعر) والمروج والاشجار و خيالات الصور البعيدة وتفاصيل القريبة ،كلها  كانت الاستاذ الذي علمهم الابداع وحب الحياة.... والسؤال هنا كيف نوظف هذا عمليا ؟

 طبعا الرحلات المتكررة برا وبحرا -والسفر ان امكن- والشرفات والنوافذ مميزة الاطلالة، وتشجيع هوايات من مثل جمع الطوابع او القواقع والتصوير والرسم والتكوين والنحت واصطياد الحشرات وتعقبها..  وتربية النباتات واسماك الزينة وطيورها ومشاركة الاطفال في اختيار ملابسهم واكسسوارهم والتعليق على منجزاتهم واختياراتهم البصرية، كل هذا جزء من كثير قد نقدمه لابنائنا لنربي فيهم ملكة القراءة البصرية..

اما ما اخترته اليوم ليكون موضوعي لمجلة البيت هو غرفة الطفل والتي تشكل اكثر البيئات البصرية تاثيرا على اطفالنا خاصة في زمن البيوت المغلقة والشوارع الفقيرة تشكيليا، والتي نحرمها عليه خوفا منها..!

 و تاخذ غرفة الطفل اهميتها من/

اولا/ طول فترة تواجد الطفل فيها...

  ثانيا /هي اول حيز فراغي يشعر الطفل بانتماء له..

  ثالثا  / وهو الاهم، كونها البديل الحسي للأم..! فبعد نمو الطفل بداخل جسد امه تتغير بيئته ليكتفي بالالتصاق بها ويستمر يدرك من خلالها  دنياه..

ثم يبدل هذا الحضن بسريره، وصورة وجه الام  الودود  بصور عدة تحيطه في غرفته..

هذا الانتقال يجب ان يكون رحيما وانسانيا كفاية.. فاي مفروشات واي عطور واي اضاءة واي صور ستعوض ما يحدثه افتقاد الام ؟..

 فاذا حققنا ألفة بين الطفل وغرفته- ولعبه  كجزء منها- فاننا سنحافظ على مستوى من الاستقرار الوجداني  يشكل ركيزة تربوية.

 فالوسادة  تلعب دورا اكبر اذا استطعنا ان نحولها للعبة بنقش عيون وفم مثلا او اضافة ما يشبه اذان ارنب  وباختيار حشوة  ناعمة وقماش طبيعي وتعطيرها بعطر الام مثلا وغيرها من الحلول..

 وعندما نجهز عالم الطفل هذا نحتاج لحياد عادل يمكننا من تجاوز تفضيلاتنا وتبني احتياجاته والتي اهمها التنوع وتعدد الالوان وقوتها وحيويتها ووضوح التكوينات والنقوش والرسوم فالطفل يميل لتكملة الاشكال الناقصة فان زاد النقص عن حد خياله يصبح  سببا لتعجيزه ونكوصه.. بعكس الكبار الذين قد تشكل الاشكال الناقصة لهم رموزا واشارات اشتراطية.. فالخطوط والدوائر والمربعات والاشكال المغلقة عامة، متطلب تشكيلي مهم في عالم الطفل وان بدى بدائيا بالنسبة لعالم الكبار..

 وان كنا ككبار نجتاز عدة بيئات بصرية يوميا مما يسبب لنا نوع من الضغط نحتاج في بيوتنا لفراغات ذات الوان هادئة  وباهتة تخففه، فان الطفل القابع في البيت يحتاج  لالوان تخرجه من رتابة  استمرار المشهد فان كان المشهد غنيا بالتفاصيل - اشكال والوان - المثيرة  فان اكتشاف كل منها على حدة قد يحقق القراءة الممتعة و المرجوة.

 ولن يغيب عنا ان الغرفة هي عالمه فهي تحوي اللعب والكتب وصور الاحباب والملابس والاهم السرير...

 فاذا كانو عدة اخوة في غرفة واحدة فهذه فرصة لوضع اسرة متجاورة تعزز العلاقة بينهم وتحدث انسا ومودة.. إلا ان هذا يحتاج لتاكيد الخصوصية الفردية بان نكتب اسم كل طفل اوحرفه على ما يخصه ونستغله كاداة تشكيل مرحة... ونحرص على توفر العدد الكامل  والمتساوي من كل ممتلك كالارفف والادراج وحتى السجادة الصغيرة تحت القدم..!

 اما فرصة وجود اللعب فهي الى جانب دورها التشكيلي المهم للمصمم في استحظار روح الطفولة، فانها فرصة ليشارك الطفل في تشكيل الغرفة من خلال عرض لعبه في انحاءها..

واخيرا ولاهمية دور الضوء، الفني في التشكيل، والنفسي في بعث الامان، فلن انسى التنويه على اثر تسلل الضوء وانعكاسه على مكونات غرف اطفالنا  الاذكياء المرحة والمشرقة...


مثال لأمكانية تحقيق التنوع  في اللون والشكل والمادة وتوفير التميز والخصوصية رغم محدودية المساحة

تداخل الاجزاء وتجمعها حول مركز يتحرك الاطفال حوله ويكتنفه النور  جعل من هذا التصميم عالم من التميز والمرح والخيال يشجع على دعوة الأصدقاء للتنزه فيه

في حال تطابق اللون يمكننا كتابة أسماء الأطفال ،أو أسماء أخرى يختارونها لأشياءهم لتاكيد الملكية


أما في حال وظفنا التنوع اللوني فيمكننا الحصول على جلسة  ناطقة بالوان قوس قزح


 الجدران بلون واحد قوي وساطع ، لكن أحدها (المواجه للسرير ) يحكي قصة ملونة قبل النوم


ستارة بيضاء تفصل عالمين ملونين لتعطي كل منهما هويته ،  تعتمد  في تشكيلها على كرات  ملونة متتابعة تنتظم مثل كورنيش يعزف بايقاع لوني هادئ ممهدا لأحتفال اللون القادم .


عندما يسقط الضوء بشكل مباشر ( نافذة شرقية مثلا ) يفضل ان لاتكون الأسطح ذات الألوان القوية مواجهة له




رغم ان نسب الألوان لبعضها جميلة ودقيقة ، إلا ان نسبة المساحة الملونة  للفضاء ككل لاتتفق مع الايقاع المعتمد للنسق اللوني



 التنوع في اللون يتكامل مع تنوع اتجاهات التشكيل ( مقلم، مزركش ، وحيد اللون )

غياب التنوع في الوان الأرفف والأدراج وحضوره بشدة في السجادة وحدها جعلها نقطة جذب بصري مما يتوافق مع وجود حروف تعليمية

بعد أن كبر طفلنا المبدع ، يقتضي الامر ان ننقص من درجة التنوع اللوني  باتساع محيط لعبه وتعدد الصور التي تختزنها ذاكرته

 وفي هذه الغرفة يحافظ المصمم على توقيعات من البرتقالي والازرق ، كما يحافظ على تعدد اتجاهات التشكيل (جدار مزركش ، وسادة مقلمة ، سجادة وحيدة اللون )

 وجود علبة الأوان وكتاب الصور على المنضدة ، يخبرنا ان فناننا الموهوب استمع جيدا لخطاب اللون وها هو يعيد  سرده ممزوجا  بخياله

وفاء الحسين...

تنويه /  نشر بمجلة البيت - 2008 

الثلاثاء، 3 أبريل 2012