(( افتح كراسة الرسم ، وارسم لوحة تعبر عن الربيع،.... افتح وارسم لوحة تعبر عن الحصاد ، ... والطالب مجبر، ينفذ و يتابع المواسم وكأنه يعد تقارير عن الطقس أو البيئة..!!
هكذا نتناسى أن" التعليم الإجباري تجهيل إجباري"، ونزرع الملل في نفوس طلابنا ونقتل فيهم روح الإبداع تحت مسمى( التربية الفنية)، بذمتكم اربى فيكم هذا الأسلوب الفن..؟ أما أن الأوان ليتذكر معلمي التربية الفنية أن لا إبداع بدون حرية، ولا حماس نحو فكرة مفروضة بل إن الفكرة تولد وتنمو وتختلط بذات المبدع لتخرج عملا حقيقيا يحتاج لطقوس مناسبة في لحظة العمل (الأداء) اقلها حرية الحركة والمكان المناسب والإضاءة الجيدة وتجهيزات عملية تعين على الأداء.
قد يستغرب البعض ويسألني : عمن تتحدثين ؟ الفنانين أم الأطفال ( الطلاب )؟ ،خاصة وإننا اعتدنا معاملة الطلاب- أكرمكم الله- كقطيع بري يحتاج لترويض ، وبعض التقدير أو الحرية سيفسده !!
قصدت الفنانين طبعا، الفنانين الصغار ،هكذا يجب أن نشعرهم حتى نربي فيهم شخصية الفنان المنطلقة والخلاقة،وحرية اختيار الفكرة تحقق انتماء الطالب للفكرة والذي هو دافعه للابتكار، وحرية الحركة تساعد الطالب (الفنان) علي تحقيق التلقائية والصدق في العمل وإلا لما كانت حصة التربية الفنية في حجرات خاصة بها تتصف بالاتساع والمناضد المستمرة والممتدة في الطول والعرض.
حديث ذو شجون قد يطول لأنه هاجس كل المهتمين بالمادة الفنية لمدى سنوات،لذا لن أسهب فيه ،ولكن سأقطع على محترفي قتل الفن طريق التحجج والشكوى والتذمر التي يستسهلونها، وتحججهم بان المعدات والإمكانيات لا تساعدهم والموجهين لا يسمحون بمخالفة المنهج..الخ.
أداة القطع التي سأستخدمها ،أداة مبدعة وراقية وجميلة وفي غاية الإنسانية و الحنان..!! كما هو اسم صاحبتها، إنها تجربة الأستاذة حنان القربوللي، معلمة التربية الفنية في مدرسة المقاصد الابتدائية، والمعيدة بكلية المعلمين/بنغازي شعبة التربية الفنية،والتي دعتني لان أشاهد تجربتها في عرض لمنتدى صيفي تنظمه مدرستها.
رمت حنان بكل الأنماط والأساليب البالية وتمسكت بروح التربية، بالحب والاقتداء،وحققت ذلك بان فكرت في الوصول للطفل من خلال الدمى فعلمت الطلاب كيف يصنعون الدمى من بقايا الأقمشة والأزرار، ثم كيف يصنعون ملامحها ثم طورت هذا لان يشارك الطلاب في التمثيل وتقمص الأدوار ، وما يتطلبه هذا من تعبيرات حركية وصوتية واستقراء للنص(القصة) وكانت النتيجة عملا باهرا لصيقا بالطالب ومربيا له فعلا، وظهر هذا في تفاعل الطلاب- الممثلين والمتابعين على السواء- مع العرض .....كان مسرحا للعرائس .
العرائس، التي اعتبر اختيار المعلمة لها غاية الذكاء، فلصيق الطفل دائما هو دميته، والمعروف أن اللعب هو درب التعلم الأقصر للطفل ، وفي شكل الدمية لفتني إنها دمية تسمح بإدخال اليد فيها لتقود حركتها وهذا اقرب لتسجيل انفعالات تلقائية من دمى لا تتداخل أجسامها مع أيادي الأطفال إن دمى حنان تستخدم التداخل الكتلي لتحقق التوحد بين الطفل والدمية التي يتقمص دورها.وهي من مواد ناعمة لا تضر بأيدي الأطفال ويسهل غسلها وتحريكها وتوفرها لرخصها أيضا.
ودمى حنان وهذا الأهم ليست للعب فقط وإنما تنتظم لتشكل مسرحا، وهي بهذا تكسر التابو المقيت الذي حول التربية الفنية إلى مادة (رسم)، فهكذا تسمى وهكذا تقدم وليت هذا المفهوم يتسع حتى ليطال التشكيل ككل فتصبح( فنون تشكيلية) مثلا،عموما فان حنان تترك قضية التشكيل الشائكة لتتجه للتربية من خلال المسرح (أستاذ الشعوب ) كما شهد له تاريخ الحضارات، ولان في المسرح فرصة لإظهار مواهب الأطفال في الأداء الحركي والصوتي وفي نسج القصص ورسم الصور من خلال مشاركة الأطفال في التأليف وتصوير الدمى وخلفيات المشاهد وبهذا تجمع كل الفنون (تشكيل ،رواية،موسيقى...الخ) من خلال تجربتها المسرحية حيث يجد كل طفل مساحة للإبداع مهما كانت الفروق الفردية بين الطلاب ومهما كانت ميولهم.
ولفتني أيضا النص الذي اعتمدته الأستاذة حنان لمسرحياتها،حيث تعيد هي والأطفال صياغة قصص (كليلة ودمنة )في سيناريوهات جديدة، وهي بهذا تربي فيهم روح القراءة الحقيقية، وتزيد من جرأتهم حيث أبطال القصص ليسو أشخاصا بل حيوانات، مما يساعد الطفل على إسقاط انفعالاته بشفافية ودون تحرج من أن يتم الربط بين شخصيته والشخصية المتقمصة.
واحيي الأستاذة لاختيارها لمسرح العرائس كجزء جميل من تراثنا الثقافي يستحق الإحياء، وتذوقها الراقي للتراث من خلال قصص( كليلة ودمنة) الغنية بالإشارات التربوية الهادفة، وشجاعتها في تحقيق رسالتها وتأكيدها لدور الحرية في الإبداع، فان لم تتحرر هي أولا من النمطية وتشعر بانتماء تجاه رسالتها لما حققت عملا مبدعا وثريا برغم انه لم يكلفها إلا بعض الأخشاب التي شكلتها بنفسها ،إلى جانب القليل من الأقمشة والكثير من الحب. ))
هكذا نتناسى أن" التعليم الإجباري تجهيل إجباري"، ونزرع الملل في نفوس طلابنا ونقتل فيهم روح الإبداع تحت مسمى( التربية الفنية)، بذمتكم اربى فيكم هذا الأسلوب الفن..؟ أما أن الأوان ليتذكر معلمي التربية الفنية أن لا إبداع بدون حرية، ولا حماس نحو فكرة مفروضة بل إن الفكرة تولد وتنمو وتختلط بذات المبدع لتخرج عملا حقيقيا يحتاج لطقوس مناسبة في لحظة العمل (الأداء) اقلها حرية الحركة والمكان المناسب والإضاءة الجيدة وتجهيزات عملية تعين على الأداء.
قد يستغرب البعض ويسألني : عمن تتحدثين ؟ الفنانين أم الأطفال ( الطلاب )؟ ،خاصة وإننا اعتدنا معاملة الطلاب- أكرمكم الله- كقطيع بري يحتاج لترويض ، وبعض التقدير أو الحرية سيفسده !!
قصدت الفنانين طبعا، الفنانين الصغار ،هكذا يجب أن نشعرهم حتى نربي فيهم شخصية الفنان المنطلقة والخلاقة،وحرية اختيار الفكرة تحقق انتماء الطالب للفكرة والذي هو دافعه للابتكار، وحرية الحركة تساعد الطالب (الفنان) علي تحقيق التلقائية والصدق في العمل وإلا لما كانت حصة التربية الفنية في حجرات خاصة بها تتصف بالاتساع والمناضد المستمرة والممتدة في الطول والعرض.
حديث ذو شجون قد يطول لأنه هاجس كل المهتمين بالمادة الفنية لمدى سنوات،لذا لن أسهب فيه ،ولكن سأقطع على محترفي قتل الفن طريق التحجج والشكوى والتذمر التي يستسهلونها، وتحججهم بان المعدات والإمكانيات لا تساعدهم والموجهين لا يسمحون بمخالفة المنهج..الخ.
أداة القطع التي سأستخدمها ،أداة مبدعة وراقية وجميلة وفي غاية الإنسانية و الحنان..!! كما هو اسم صاحبتها، إنها تجربة الأستاذة حنان القربوللي، معلمة التربية الفنية في مدرسة المقاصد الابتدائية، والمعيدة بكلية المعلمين/بنغازي شعبة التربية الفنية،والتي دعتني لان أشاهد تجربتها في عرض لمنتدى صيفي تنظمه مدرستها.
رمت حنان بكل الأنماط والأساليب البالية وتمسكت بروح التربية، بالحب والاقتداء،وحققت ذلك بان فكرت في الوصول للطفل من خلال الدمى فعلمت الطلاب كيف يصنعون الدمى من بقايا الأقمشة والأزرار، ثم كيف يصنعون ملامحها ثم طورت هذا لان يشارك الطلاب في التمثيل وتقمص الأدوار ، وما يتطلبه هذا من تعبيرات حركية وصوتية واستقراء للنص(القصة) وكانت النتيجة عملا باهرا لصيقا بالطالب ومربيا له فعلا، وظهر هذا في تفاعل الطلاب- الممثلين والمتابعين على السواء- مع العرض .....كان مسرحا للعرائس .
العرائس، التي اعتبر اختيار المعلمة لها غاية الذكاء، فلصيق الطفل دائما هو دميته، والمعروف أن اللعب هو درب التعلم الأقصر للطفل ، وفي شكل الدمية لفتني إنها دمية تسمح بإدخال اليد فيها لتقود حركتها وهذا اقرب لتسجيل انفعالات تلقائية من دمى لا تتداخل أجسامها مع أيادي الأطفال إن دمى حنان تستخدم التداخل الكتلي لتحقق التوحد بين الطفل والدمية التي يتقمص دورها.وهي من مواد ناعمة لا تضر بأيدي الأطفال ويسهل غسلها وتحريكها وتوفرها لرخصها أيضا.
ودمى حنان وهذا الأهم ليست للعب فقط وإنما تنتظم لتشكل مسرحا، وهي بهذا تكسر التابو المقيت الذي حول التربية الفنية إلى مادة (رسم)، فهكذا تسمى وهكذا تقدم وليت هذا المفهوم يتسع حتى ليطال التشكيل ككل فتصبح( فنون تشكيلية) مثلا،عموما فان حنان تترك قضية التشكيل الشائكة لتتجه للتربية من خلال المسرح (أستاذ الشعوب ) كما شهد له تاريخ الحضارات، ولان في المسرح فرصة لإظهار مواهب الأطفال في الأداء الحركي والصوتي وفي نسج القصص ورسم الصور من خلال مشاركة الأطفال في التأليف وتصوير الدمى وخلفيات المشاهد وبهذا تجمع كل الفنون (تشكيل ،رواية،موسيقى...الخ) من خلال تجربتها المسرحية حيث يجد كل طفل مساحة للإبداع مهما كانت الفروق الفردية بين الطلاب ومهما كانت ميولهم.
ولفتني أيضا النص الذي اعتمدته الأستاذة حنان لمسرحياتها،حيث تعيد هي والأطفال صياغة قصص (كليلة ودمنة )في سيناريوهات جديدة، وهي بهذا تربي فيهم روح القراءة الحقيقية، وتزيد من جرأتهم حيث أبطال القصص ليسو أشخاصا بل حيوانات، مما يساعد الطفل على إسقاط انفعالاته بشفافية ودون تحرج من أن يتم الربط بين شخصيته والشخصية المتقمصة.
واحيي الأستاذة لاختيارها لمسرح العرائس كجزء جميل من تراثنا الثقافي يستحق الإحياء، وتذوقها الراقي للتراث من خلال قصص( كليلة ودمنة) الغنية بالإشارات التربوية الهادفة، وشجاعتها في تحقيق رسالتها وتأكيدها لدور الحرية في الإبداع، فان لم تتحرر هي أولا من النمطية وتشعر بانتماء تجاه رسالتها لما حققت عملا مبدعا وثريا برغم انه لم يكلفها إلا بعض الأخشاب التي شكلتها بنفسها ،إلى جانب القليل من الأقمشة والكثير من الحب. ))
سبق نشرها بملحق الفنون بصحيفة أويا..بتاريخ 12/ 9 / 2009 مسيحي ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق