مرحبا بك..... هنا ...


يمكن ان نخبئ كل الفنون /



( قصيدة ، لوحة ، زيي ، قصة ، لحن ، مبنى، منحوتة ، مخطط مدينة ، رقصة ) في خابية واحدة مادتها الجمال ..

وفاء الحسين

الثلاثاء، 14 فبراير 2012

من تجارب التجريد

اهداء لحبة قلبي ... سهى

 

الليلة عيد ميلادي .. بنسبق فيه أندادي ..

ابنطول فيه اشوية.. وعمري بيكبر عام ...

ايجني العاب هدية ..فحفلة تكون تمام ..

يارب يدوم هنانا .. و نعيشوا فخير بلادي

الليلة عيد ميلادي ..

 

كلمات الفنان الملحن  / محمد العربي

 

((  أن يحصل التوليف والتناغم ووحدة العمل البديعة في عمل فني  فيخرج ككل متكامل قوي الحضور والأثر ... أمر  ليس بمستبعد عندما يوحد الهدف والرؤية المبدعين فتجمعهم الأعمال الفنية  ..

 في مسرحية شروق التي يواصل عرضها المسرح الجوال مابين اجدابيا وقمينس وبنغازي ..  تألق السهل الممتنع كاتجاه وأسلوب وحوله اجتمع المبدعين .. فموضوع العمل هو قصة طفلة (شروق ) تحتفل بعيد ميلادها في 19 / 3 / 2011   فتحكم عليها قوانين الظلم بالموت وتنشر آلة القتل الظلام  في موعد ميلاد الشروق ..

فكرة تميزت بالبساطة والعمق .. وبوعي كبير من الشاعر خطاب الطيب خطاب  بأهمية التأكيد على وحدة العمل ..  فتناغم مع الموضوع في قصائد سهلة وخفيفة تفيض بالبراءة  وتتمسك بالبساطة .. و لا تخلو من التعبير والشعرية والإشارة التربوية الهادفة ..

ثم تلاقينا هذه النصوص في حلة من الحان الفنان محمد العربي التي  تكاملت مع روح البساطة واليسر وتجاوزت مجرد التوافق إلى  الإبداع ليتحول  العمل لتجربة من المسرح الغنائي الراقي الأكثر نضجا حققها استخدام ألآت وترية (تخت شرقي ) والحان تنهل من الأصالة ..  تشي بدراية وتمكن من  خصوصية الأغنية الليبية والإذاعية بالذات .. تلك التي رددناها جيلا بعد جيل كأغنيات المطربين / محمد السوكني ومحمود الشريف ..

 محمد العربي يحرك فينا شجون لأنغام تعلمنا بها الحب  والجمال .. فاض بها علينا الملحنين / إبراهيم اشرف و إبراهيم فهمي ويوسف العالم وغيرهم ممن أسسوا لأغنية ليبية ذات روح نابضة وصادقة ..  أغنية تشبه لليبيين..  فيها ما يحبونه من قيم .. الجمال والبساطة والخفة  التي تصل لحد التجريد كما في كل فنون الليبيين الأصيلة .. قلة العناصر والجمل الفنية .. وقوة الدلالة وكثافة المعنى وتحقيق المفاجأة من  خلال العادي والمألوف .. فن بلادي الذي  أخذته من امتدادها الواسع بين بحر ورمال .. فن بلادي الساطع تحت شمس الوضوح ..

فن تشعر عندما تلتقيه بأنك تلاقي حبيبا في ارض الغربة تحتضن فيه الوطن لأنه منه و به ..وهكذا كانت الحان العربي استمرار لهذا الإرث الجميل .. أروع ما فيها أنها تأتي في هذا الوقت تحيي فينا من النقاء ما نحن في أمس الحاجة إليه .. وبعد هذا التماهي الناضج مع العمل لا نستغرب ان   تجود روح الملحن  المبدع بكلمات أغنية لأحد المشاهد جاءت هي الأخرى بروح السهل الممتنع  التي اعتدناها من الشاعر خطاب الطيب  فشابهتها  وزادت من عقد البساطة حبة ..وهي اغنية / الليلة عيد ميلادي ..

والملفت في هذه الكلمات القليلة ان العربي يقترب من خيال الطفولة..  يسرد اكبر همومها في سلاسة .. يجمع في بعض سطور كل ما يعنيه العمر والاحتفال بالحياة لطفلة .. الحياة ذاك السؤال الكبير الذي يحيرنا نحن الكبار ..  فما بالك بالطفل .. ففي الوقت الذي يتحدث فيه الشعراء عادة عن الطفولة كأنها السعادة المطلقة ..حيث يتذكرون طفولتهم برضا مهما كانت بائسة .. ينسون انهم كانوا يشعرون بالعجز والضعف مقارنة بالكبار .. الكبار الذين يفوقونهم حجما ومعرفة ودراية ويستحقون بذلك التقدير والثقة .. ثم  العمر الذي يتمنى الطفل ان يجري به جريا ليخرج من اسر الطفولة .. الا انه يعرف حقيقة واحدة وهي ان الهدايا والرعاية ستنقص كلما تحصل على التقدير والثقة .. حساسية الطفل تجعله قادرا كفاية على رؤية هذه الجدلية وغياب من يشاركه هذا القلق يضاعف من حجمها عنده .. محمد العربي يحدثنا عن فرحة الطفلة بالهدية والحفلة التمام .. ولكنه لا يغيب فرحتها بأنها ستطول قليلا وستكبر عام .. والاهم هو أنها ستسبق أندادها .. ستكون قادرة ان تقول لهم / انا اكبر منكم بعام ..

محمد العربي يكشف هذا القلق ويمكن الطفلة من التغني به حتى يتحول لاداة للمرح بدل من الخوف .. ويستغل هذا القرب الوجداني ليوصل رسالته بيسر بديع .. وهي ( يا رب يدوم هنانا ونعيشوا فخير بلادي ).. وهذا اهم  ما يمثله الوطن لطفل (الهناء والأمان ومصدر كل خير ، و المكان الذي نجتمع فيه مع من نحب )... نصوص وان كانت تتكامل مع متن العمل الفني الا انها تستقل عنه  بحيث يمكن ان تسمعها في أي مناسبة اخرى وتعيد توظيفها في عمل اخر وهذا مما يميز عناصر المكون التجريدي عادة  من استقلالية وقابلية للتكامل وتعدد زوايا التأويل .. و لغة برغم تناولها لموضوع مقترن بالحرب  إلا أنها   ترقى عن ما تثقل به الطفولة مؤخرا وبلا مبرر من بشاعة بدعوى الوطنية .. حيث  تمتهن الطفولة ويزج بها كأداة يتسول بها الشاعر او المخرج ليسوق عمله الرديء الذي يقدم للأطفال الوطنية ممزوجة بالانتقام والبذاءة والأحقاد والمواقف السياسية الغير واضحة بالنسبة للطفل .. محمد العربي يعبر بعذوبة نحو قلب طفلة ينفض عنه كل تلك القسوة المنتشرة كوباء ويقول لنا .. يكفي الطفل ان تشاركه همه وتخفف قلقه وتغلف بالحب رسالتك التي ستزرع فيه وتنضج معه .. ))

 

 

هناك 5 تعليقات:

  1. كل عام وانت بخير

    ردحذف
  2. تحية طيبة للكاتبة وفاء الحسين وأخرى عطرة لمحمد العربي , وكل عام وسهى بخير
    م ابراهيم

    ردحذف
    الردود
    1. عزيزي م. ابراهيم شكرا لمرورك وكل عام وانت بخير ، وسهى ايضا تبلغك السلام وتعايدك ، مودتي .

      حذف

  3. مدونة مميزة
    كل تقدير واحترامى لكم ... :)

    ردحذف