مرحبا بك..... هنا ...


يمكن ان نخبئ كل الفنون /



( قصيدة ، لوحة ، زيي ، قصة ، لحن ، مبنى، منحوتة ، مخطط مدينة ، رقصة ) في خابية واحدة مادتها الجمال ..

وفاء الحسين

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

تقاسيم مختارة ..من مقام الدكتاتور...3

كلما انتحرنا

كلما انتحرنا
بوهم الباب لكي نُصَدِّقَ أنه موصدٌ مثل جدار نعود فنتذكر بأن ثمةَ أشياءٌ جميلةٌ تُغري بمغامرةٍ أخرى كان علينا أن ننجزها قبل ذلك فينتابُنا بعضُ الندم ونحاولُ أن نتراجَعَ متداركينَ أمراً يكادُ يكونُ تدارُكُه مستحيلاً وحالَمَا نَعودُ عن انتحارِنا ويَحْدُثُ هذا مراتٍ كثيرةٍ في الحياة لكي نُنْجِزَ ذلك نكتشفُ أن أحداً غيرنا قد بادرَ في تَوَلّي ذلكَ عنا عندها لا يعودُ لوجُودنا مثل انتحارٍنا معنى
كلما انتحرنا
لكي نؤكدَ للآخرين أنهم بالغوا في العَبَثِ بنا اكتشفَ الآخرونَ أن ثمةَ حَمْقى يتوجَبُ تلقِينُهم دَرسَاً في اللياقة لئلا يبالغوا في الاستهانة بالقناديل وهي تَرْسُمُ الخَرائِطَ ويُخالِجُنا شَعورٌ بَضَغِينَةٍ غامضةٍ تجاه هؤلاء مَنْ لا يَرونَ في انتحارِنا غيرَ العَبَثَ بالحياة ونَوَدُ ساعتَها أن نعُودَ لكي نَشْرَحَ لهم بِسَرْدٍ أكثرَ ضَراوةً من النص لئلا يكونَ سوءُ الفَهم هو آخرُ ذكرياتهم عنا وعندما نتمكن من العودة ويحدث هذا بمعدل تسعَ مرات في حياةٍ واحدةٍ ونجلس إلى هؤلاء في محاولة لتفسير ذهابنا بهذا الشكل أو ذاك لا نرى أمامنا غير أحداق زجاجية تحملق في فراغٍ هائلٍ وفيما نتوغلُ في الشَرحِ يكون هؤلاء شبَه غائبين كما لو أننا نتحدثُ إلى كائناتٍ غير موجودةٍ ونكاد نشعر أنها غير حيةٍ أيضاً وقتها ينتابُنا الشَكُّ ما إذا كنا قد عُدْنا من هناك أمْ لا
كلما انتحرنا
وأغلقنا النافذةَ الأخيرة خلفنا سَمِعنا باباً لا يزالُ موصداً هناك يُصدِرُ صَريراً مثلَ مُغادرة الغائبِ ونُدركُ أن ثَمةَ أشخاصاً ساهموا في مغادرتنا باكراً بشكلٍ مباغتٍ وحالما نُديرُ أعناقَنا نشاهِدُ الأشخاصَ ذاتَهم يَضَعُونَ خدودَهم المجَرّّحَة بالدموع على عتبة الباب في محاولة لاستعادتِنا ثانيةً لأجل الاعتذار فنتبادل النظرات عن كثبٍ مثل سُجناء يَرقَبُونَ سِرداباً حَفَرُوهُ متجنبين لحظةً مناسبةً للهَرَبِ فنَقِفُ كَسِيرِي القُلوبَ ويكون قرارُ العودةِ قد تَمَّ انجازَه في أذهانِنا فثمة أملٌ في التفاهم مع أولئكَ الذينَ يزعمون تركَ الباب موارباً فيما يُحكِمُونَ إغلاقَه بصلافة السجان وما إن نَضعَ أنفسَنا تحتَ أمرتِهم مجدداً في محاولةٍ لتفادي الانتحار ويحدُثُ هذا كثيراً في الحياة التي لا يمكن تفاديها غالباً يكون الأشخاصُ قد جَفَّفُوا دمُوعَهم سريعاً واستعادوا هيئَةَ القُضاة وطبيعةَ الضِِباعِ النشيطة ليبدو الخطأ ليس في الانتحار لكن في العودة عنه
كلما انتحرنا
في محاولة لإقناعِ امرأةٍ بأنَّ الحبَ هو أيضاً سَببٌ للموت نكتشفُ أن تلك المرأة يمكن أن تَجِدَ مَجْداً في اقترانِها بشَخْصٍ غائبٍ أكثرَ من اقترانِها به موجُوداً مما يجعلُ شُعورنا بفداحة الخسارة مُضاعَفاً خُصوصاً إذا كنا نرى إليها من هناك وهي تَستَدِيرُ بكعبِ الفُولاذِ يَكُزُّ على عَظْمَةِ القَلبِ نحو أولِ شخصٍ لتبدأ في التَغْرِيرِ به وإقناعَه بالانتحار لأجل إقناعها بأن الحبَ هو أيضاً سَببٌ جديرٌ للموت فَنَكُفّ عن المبالغة في الانتحار ونستديرُ عائدينَ ويَحْدُثُ ذلك على الأرجح في حياةٍ لا تُحْتَمَلُ لكي نُحَذّرَ شخصاً من مصيرٍ وشِيكٍ غيرَ أننا نكونُ قد تأخرنا عن ذلك حيث يصادفنا شَخصٌ في منتصف المَصيرِ على شَفِيرِ النهايات
كلما انتحرنا
لكي نختبرَ قِدرةَ الكتابة على تأجيلِنا نجدُ أن كتبَاً كثيرةً موجودةً لنا موجودةً فِينا ويتَحَتَمُ علينا لكي نتأكدَ من قِدرتِنا على الغياب أن نعيدَ كتابتَها مراتٍ أخرى من أجل تفادي أخطاء اللغة والمطبعة والقراءة
أخطاءٌ عادةً ما تكون السبب المباشر لسوء التفاهم الذي يَحدُثُ بيننا وبين الآخرين ولا نجدُ وسيلةً لتوضيح ذلك إلا بالعودة عن الانتحار لبعضِ الوقتِ لتلقين الناسَ طريقةً جديدةً في قراءةِ الكتب فنؤجِّلُ توغلَنا في الانتحار ويحدثُ هذا على الأرجح مرةً كلَ يومٍ في حياةٍ ضيقةٍ لكي نرقبِ الكتبِ وهي تستعيدُ حياتَها في سديمٍ من النسيانِ فالكتُبُ ليستْ الوسيلةُ الناجِعَةُ لتأجيلِ الموتَ ولا هي قادرةٌ على استحضارِ الموتى ولا فائدة من الحبر والورق في سياقٍ يَنْقُضُ النَصَّ والشّخصَ في آنْ.
كلما انتحرنا
لكي نتفرَّغَ وحيدين، للتمتع بحياتِنا بمعزَلٍ عن الذين ظلوا يُفسِدُونها علينا طوالَ الوقت نَجِدُ أنفسَنا محاطِينَ بطقُوسٍ تَسْتَوجِبُ الإصغاء لأكثر الأحاديث فَجاجَةً من كائناتٍ لا تُحْسِنُ غيرَ التأنيب المُفْرط في بلادتِه بِحُجة أنَّ في الحياة ما يُوَفِرُ لنا المتعةَ وأن المتعةَ لا تكتمل بغير الناس لنجدَ أن الانتحارَ لم يكنْ قراراً حكيماً فنحن لم نَنَلْ غيرَ خَيارٍ واحدٍ هو مواجَهةُ من تَوهَمْنا الفَرار منهم فَنَفُرّ ثانيةً ويحدث هذا لنا بوصفِنا أكثر المنتحرين سذاجةً وأضعَفَهُمْ فَراراً إلى الحياة بهدف تفادي توفير الفرصة لمن يريد أن يستفردَ بنا هناك
كلما انتحرنا
وجدنا أن بشراً أكثر بسالة منا قد سبقونا إلى هناك وهذا ما يجعل انتحارنا ضرباً من العبث الفاتن أو هو نوعٌ من الإستعادات المألوفة فهناك بَشَرٌ أكثر سَفَاهَةً ذَهبُوا قبلنا لكي ينتظروا حضورنا مما يجعلُ الانتحار نزوة ليست مأمونة العواقب خصوصاً إذا كانت صادرةً عن هروبٍ من ثقل الواجب المشحون بتفاصيلَ تُفسِدُ الحياةَ والأحياءَ فإذا بها نزهةٌ تُفسِدُ الموتَ على المنتحرين فنتكاتَفُ مثلَ كتيبةِ من الفِيَلة مسرعين إلى العودة عن الانتحار ساعتها يكون الوقت قد فاتَ فالطريقُ مكتظةٌ ببشرٍ في هيئة الفِيَلة تَتَخَبطُ في بحيرة عميقةٍ من الطين فلا تُتاحُ لنا فرصةَ العودة وهذا يَحدُثُ عند التظاهر بالعودة من الحياة والانتحار معاً
كلما انتحرنا
لكي ننسى نذكر أن ثمة تجربة جديرة بالاختبار هي النسيان والجلوس في الشرفة والنظر إلى الحياة وهي تمر عابرة أمامنا مثل شريط من الفيلم الخام لنرى ما يحدث للشخص حين ينتحر.

قاسم حداد

هناك 12 تعليقًا:

  1. عزيزتي ...
    يعجبني أن أنتحر في دربك ، وأموت في في عينيك غرقاً .. يعجبني أن أقاسمك الجرح في ثنايا لعنة التاريخ

    ردحذف
  2. وفاء ..
    كلما انتحرنا لا نملك موت في درب الكلمات ،
    نص جميل في حده الفصل ..إختيار جمبل .. جيد وجاد.

    ردحذف
  3. زواري الأعزاء/
    كل عام وانتم بخير .. عام سعيد
    بمناسبة (عام أَلِفَان... وطناش) .. هكذا كما وصلني في رسالة.. أتمنى أن يتخلص فيه كل أَلِفَان من الطناش ويقهرانه بمزيد من التواصل ..
    وتنتصر الألفة وتجمعني بكم في هذا البراح.. دمتم

    ردحذف
  4. العزيزة وفاء /

    كل سنة وإنت طيبة .

    أخيك / حفيظ

    ردحذف
  5. صباح الخير / كل سنة وأنت طيب يا أرنوبي .
    عيد ميلاد سعيد

    ردحذف
  6. Wohnungsräumung
    مرحبا بك
    حفيظ / كل سنة وانت في خير وعافية
    ارنوبي /
    ليش مرورك في عيد الميلاد بس يابابا نويل..مري في كل وقت مدونتي نورت .

    ردحذف
  7. آه لو كنا معا ، أقاسمك الصبر أو القبر ، نغرق ، نحرق ، نحتفي بالموت مادام الموت اصدق ، نخرس كل صوت ونترك الحب ينطق .

    ردحذف
  8. Vielen Dank .. Und ich hoffe, Sie Mved Entwicklung und Schreiben von verschiedenen Themen :)

    ردحذف